ما المقصود بالفرقان
الجواب : معنى كلمة " فرقان " أي ما يفرق به بين الحق والباطل أو بين الحلال والحرام ، وبذلك تكون هذه الكلمة وصف يمكن إطلاقه على كل كتاب أنزله الله على أحد من رسله ، وقد أشار إلى هذا المعنى – أي أن الفرقان صفة لكل كتاب سماوي وليس مخصوصا بكتاب بعينه – الإمام السيوطي رحمه الله في "تفسير الجلالين" حيث قال :
[ {وإذ آتينا موسى الكتاب} التوراة {والفرقان} عطف تفسير ، أي الفارق بين الحق والباطل والحلال والحرام. ] اهـ.
وقال ابن كثير رحمه الله في تفسيره ما يؤكد هذا المعنى :
[ {وإذْ آتينا موسى الكتاب} يعني التوراة ، {والفرقان} وهو ما يفرق بين الحق والباطل والهدى والضلالة. ] اهـ.
وسبق إلى هذا المعنى أيضا شيخ المفسرين الإمام الطبري رحمه الله حيث قال في تفسيره :
[وَقَالَ ابْن عَبَّاس : الْفُرْقَان : جِمَاع اسْم التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وَالزَّبُور وَالْفُرْقَان ... قَالَ أَبُو جَعْفَر – أي الطبري - : وَأَوْلَى هَذَيْنِ التَّأْوِيلَيْنِ بِتَأْوِيلِ الْآيَة مَا رُوِيَ عَنْ ابْن عَبَّاس وَأَبِي الْعَالِيَة وَمُجَاهِد , مِنْ أَنَّ الْفُرْقَان الَّذِي ذَكَرَ اللَّه أَنَّهُ آتَاهُ مُوسَى فِي هَذَا الْمَوْضِع هُوَ الْكِتَاب الَّذِي فَرَّقَ بِهِ بَيْن الْحَقّ وَالْبَاطِل , وَهُوَ نَعْت لِلتَّوْرَاةِ وَصِفَة لَهَا . فَيَكُون تَأْوِيل الْآيَة حِينَئِذٍ : وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى التَّوْرَاة الَّتِي كَتَبْنَاهَا لَهُ فِي الْأَلْوَاح , وَفَرَّقْنَا بِهَا بَيْن الْحَقّ وَالْبَاطِل . فَيَكُون الْكِتَاب نَعْتًا لِلتَّوْرَاةِ أُقِيمَ مَقَامهَا اسْتِغْنَاء بِهِ عَنْ ذِكْر التَّوْرَاة , ثُمَّ عَطَفَ عَلَيْهِ بِالْفُرْقَانِ , إذْ كَانَ مِنْ نَعْتهَا . وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الْكِتَاب فِيمَا مَضَى مِنْ كِتَابنَا هَذَا , وَأَنَّهُ بِمَعْنَى الْمَكْتُوب . وَإِنَّمَا قُلْنَا هَذَا التَّأْوِيل أَوْلَى بِالْآيَةِ وَإِنْ كَانَ مُحْتَمَلًا غَيْره مِنْ التَّأْوِيل , لِأَنَّ الَّذِي قَبْله ذِكْر الْكِتَاب , وَأَنَّ مَعْنَى الْفُرْقَان الْفَصْل , وَقَدْ دَلَّلْنَا عَلَى ذَلِكَ فِيمَا مَضَى مِنْ كِتَابنَا هَذَا , فَإِلْحَاقه إذْ كَانَ كَذَلِكَ بِصِفَةٍ مَا وَلِيَهُ أَوْلَى مِنْ إلْحَاقه بِصِفَةِ مَا بَعْد مِنْهُ... ] اهـ. بحذف يسير
وقد اتضح هذا المعنى جليا في سورة آل عمران حيث قال الله تعالى : " نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ . مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ " .
قال السيوطي رحمه الله في تفسير الجلالين :
[{وأنزل الفرقان } بمعني الكتب الفارقة بين الحق والباطل ، وذكره بعد ذكر الثلاثة ليعم ما عداها. ] اهـ.
بناءا على ما سبق : فالقول المختار من أقوال المفسرين هو أن الفرقان في آية سورة البقرة وآية سورة آل عمران إنما هو وصف للتوراة وللقرآن ولكل كتاب سماوي أنزله الله على أحد من رسله .
والله تعالى أعلم