السياج وما بعد السياج:
المسيرات التي حدثت في 15/5/2011 لم تتميز فقط بمشاركة شبابية واسعة، وإنما بمشاركة كافة الفئات العمرية، وبمشاركة اللاجئين في عدد من الأقطار والأماكن في وقت واحد، وباتساع نسبة المشاركة. وربما كان أبرز ما فيها هو ما لم يخطط له منظموها، وهو اختراق السياج الحدودي، ورفع العلم الفلسطيني عليه.
في لبنان تجاوز عدد المشاركين ثلاثين ألفاً، ووفق تقديرات بعض منظمي المسيرة فإن العدد وصل إلى نحو 55 ألفاً، بينما لم يستطع الآلاف القدوم لعدم توفر وسائل المواصلات. والمعنويات كانت عالية قبل المسيرة وأثناءها وبعدها، بالرغم من أن معظم المشاركين ساروا على أقدامهم من خمسة إلى 16 كيلومتراً (وبينهم أطفال ونساء وشيوخ).
تُرى؟ هل انكسر بُعبع الحدود؟ وتعرَّت “القدسية” المزورة للأسيجة التي تحيط بفلسطين؟ وهل وضع الفلسطينيون يدهم على سلاح كانوا يخشون استخدامه لسنوات طويلة، ربما لسبب قسوة الأنظمة العربية (المتباكية على حق العودة والمرعوبة من التوطين)، إلى جانب السلوك المنتظر من الإسرائيليين.
كسر الفلسطينيون السياج، وانكسر جدار الخوف الذي بنته “إسرائيل” كما بنته الأنظمة العربية. وتحقق انتصار معنوي. ولكن بقي السؤال قائماً فهل كان الأمر مجرد موقف؟ أم أنه سيتحول إلى برنامج عمل؟
إنه سؤال ما بعد السياج. فهل يمكن تحقيق تعبئة جماهيرية واسعة، تستخدم “سلاح الجموع” تخترق الحدود وترفض الخروج تنفيذاً لحق طبيعي في العودة يلقى الدعم الشعبي والقانوني العالمي؟ وتضع موضوع اللاجئين سياسياً وإعلامياً على نار ساخنة؟
وإلى أي مدى ستوغل “إسرائيل” في دماء الفلسطينيين المُصرِّين على العودة؟ وهل يمكن الاستفادة من تجربة مبعدي مرج الزهور الـ 415 الذين أبعدتهم “إسرائيل” أواخر 1992، ولكنهم بصمودهم وثباتهم وإصرارهم على البقاء على الحدود، كسبوا المعركة السياسية والمعركة الإعلامية، كما كسبوا معركة حقهم في العودة إلى فلسطين فعادوا بعد نحو سنة من إبعادهم؟!
ليس الأمر مجرد تفكير رغائبي وأحلام يقظة، ولكن من حق اللاجئين، الذين تمّ تضييع وتجاهل قضيتهم لأكثر من ستين عاماً، أن يفكروا من خارج “الصندوق”، وأن يخرجوا عن الإطار التقليدي للمبادرات والمواقف التي هي أقرب للمُسكِّنات، منها إلى حلول فعالة جادة.