النص:
أنت لم ترَ أجملَ ما في آسيا إذا لم تذهب إلى اليابان.. أنت لا تُقدّرُ معنى الذَّوق الجميلِ في الّلباسِ وفي البيت والشّارعِ إذا لم تذهبْ إلى اليابان..
أنا لم أعرف أنّ طفولتي كانت تعيسةً، إلّ عندما ذهبتُ إلى اليابان ،فقد رأيتُ أطفالً في ملابسِ رجالٍ ورأيتُ رجالً في سعادةِ الأطفالِ.
لا تزالُ طُوكيو أجملَ مدينةٍ رأيتُها لي اً في اليابان حتّى الآن ..فالشّوارعُ تصبحُ خيوطًا من الُّلؤلُؤ ..والإعلاناتُ هُنا باهرةٌ لها أشكالٌ وألوانٌ عجيبةٌ، وع ى أَسْطحِ البُيوتِ أباريقُ الشّايِ تمتلئُ بالنّورِ الأحمر، وتُفرغ ما فيها في فناج نَ تكادُ تَسقطُ فوقَ رؤوس النّاسِ.
كلُّ يومٍ تتغ رُّ فِكرتي عنِ هذهِ الب ادِ ..كنتُ أتصوّرُ أنَّ اليابانَ ب ادٌ صغ رة، يَسْكُنها شَعْبٌ ضئيلُ الحَجمِ، يأكلُ في أطباقٍ صغ رةٍ ،وملاعِقَ صغ رةٍ، ويَقعدُ ع ى الأرضِ، ويَي في زِحامٍ شديدٍ كأنّه موجُ البحرِ، ولكنّي وجدتُ اليابان ليست صغ رةً، فعدَدُ سُكّانها أكرُ من مائة مليونٍ، وليسُوا جميعًا من الأقزامِ ففيهم أناسٌ طِوال القامةِ، بِيضُ الوجوه جدًّا، وليسَ كلُّ شيءٍ صغ رًا عندهم، ففي طوكيو أع ى بُرج في العالمِ، أع ى من بُرج إيفل بباريس، وإذا كانت عندَهم هواتفُ صغ رةٌ، فإنّ لديهم محطّاتٌ ومصانعُ مساحتُها شاسعةٌ. فاليابانُ ليست صغ رةً، وإنّا هي عم اقٌ يخطو إلى الوراءِ، فتظنّ أنّه يتراجعُ، ولكنّهُ في الحقيقةِ يتحفّزُ ليقفزَ إلى الأمامِ.
كأنّ القمرَ نزلَ منَ السّاءِ، وتكرَّ قِطَعًا قِطَعًا فوقَ مدينةِ طُوكيو ..كلُّ شيءٍ مُن رٌ ومُلوّنٌ ومُتحرِّكٌ، الحَاراتُ الصَّغ رةُ أجملُ منَ الشَّوارعِ الكب رةِ، وأكرُ عفاريتَ وملائكةً منَ الميادينِ، والمطاعمُ الكب رةُ نظيفةٌ جِدًّا، والمطاعمُ الصَّغ رةُ فيها حياةٌ، أناسٌ يَضحكون ب الحسابٍ ويأكلونَ ب الحسابٍ.
سَايونارا..ومَعناها باليابانيَّة وداعًا ..وداعًا يا ب ادَ الذَّوقِ والأدبِ والانحناءِ الّذي ليسَ لهُ أوّلٌ ولا آخرٌ.. وداعًا يا ب ادًا لا تعرفُ الإنجليزيةَ وتقولُ نعم دائمًا إذا فهمتْ وإذا لم تفهمْ ..وداعًا يا ب ادَ الُّلؤلؤِ والجِيشا.. ويسكنُ نصفُ أهلِها في بيوتٍ من الخشبِ ..وداعًا يا ب ادَ الشَّمسِ المُشرقةِ فوقَ السَّحابِ والمشرقةِ دائمًا في وجوهِ الرِّجالِ والنِّساءِ.. وداعًا يا ب ادًا تأكلُ السَّمكَ النَّيِّئَ، وتضعُ السُّكَّرَ في الصَّلصةِ، وتَسْلُقُ البَصلَ والفَجلَ والخيزرانَ، وتأكلُ ع ى حص رةٍ ناعمةٍ، وتستمعُ إلى الضَّفادعِ البشريّة، وهي تُغنّي في ملابسِ الجِيشا، وداعًا يا ب ادَ الشَّمسِ الّتي أشرقتْ في نفي، ولن تَغْربَ أبدًا. سَايونارا ..سَايونارا.
أنيس منصور : حول العالم في 200 يوم، بتصرف.
* تقديم الدرس:
اليابان هي إمبراطوريّة أُسِّست عام 1868م، عاصمتها مدينة طوكيو، وعملتها الرسميّة الين، ويأتي اقتصادها في المرتبة الثالثة عالمياً، كما تمتلك تأثيراً دولياً ملحوظاً؛ نظراً لتصنيفها ضمن أهمّ الدول التي تُقدّمُ القروض ورؤوس الأموال عالمياً.. ولاكتشاف المزيد عن هذا البلد طالع هذا النص الشائق.
التعريف بصاحب النص:
أنيس محمد منصور (18 أغسطس 1924 - 21 أكتوبر 2011) كاتب صحفي وفيلسوف وأديب مصري.. كانت بداية أنيس منصور الأدبية مع القرآن، حيث حفظه في سن صغيرة في كتٌاب القرية وكان له في ذلك الكتاب حكايات عديدة حكى عن بعضها في كتابه "عاشوا في حياتي". كان الأول في دراسته الثانوية على كل طلبة مصر حينها، ثم التحق في كلية الآداب في جامعة القاهرة برغبته الشخصية، دخل قسم الفلسفة الذي تفوق فيه وحصل على ليسانس آداب عام 1947، عمل أستاذاً في القسم ذاته، لكن في جامعة عين شمس لفترة، ثم تفرغ للكتابة والعمل الصحافي في مؤسسة أخبار اليوم.
أسئلة الفهم:
- إلى من يوجه الكاتب خطابه في بداية النص؟ علام يلومه؟
- ما المدينة التي أثارت إعجاب الكاتب؟
- بم تتميز اليبان عن باقي البلدان؟
- عدد الكاتب بعض عادات هذا الشعب، اذكرها.
- من يخاطب الكاتب في بداية النص؟
- متى اكتشف الكاتب أن طفولته كانت تعيسة؟
- ما سر تفضيل الكاتب لمدينة طوكيو؟
- قارن بين نظرتي الكاتب لليابان؟ وبين سبب تغير فكرته عنها؟
- أكثر الكاتب من وصف اليابان، اذكر بعض الأوصاف التي أعجبتك.
- كيف وظف الكاتب كلمة " سايونارا"؟
- عدد العادات والتقاليد التي ذكرها الكاتب؟
شرح المفردات:
الباهرة: رائعة ومثيرة
برج إيفل: معلم تاريخي مصنوع من حديد سرقته فرنسا من أرض الجزائر أيام الاستدمار
يتحفّز: يستعد
سايونارا: وداعا
الجيشا: الإنسان الفنان
الصلصة: خليط مخلل يستعمل كمتبل
الخيزان: من فصيلة اليراع أي القصب قوي جدا وكثيرة استعمالاته.
مرادفات كلمة: "يخطو"
انطَلَقَ، تَقَدَّمَ، جَرَى، حَبَا، رَجَلَ، سارَ، سَارَ، سَعَى، قَارَ، مَادَ، مَشَى ، مَشَى ، تَرَجَّلَ، جَرَى، حَبَا، دَلَفَ، سَارَ، سَعَى، عَدَا، مَرَّ، مَشَى، نَهَجَ، هَدَجَ.
الفكرة العامة :
- بيان الكاتب جمال بلد اليابان وذكر بعض مدنها والعادات والتقاليد المميزة لها.
الافكار الاساسية :
1- بيان الكاتب أن اليابان عروس آسيا.
2- تغير نظرة الكاتب لليابان ووصفه لها.
3- وداع الكاتب لليابان بلد العجائب والعادات الراسخة.
المغزى العام من النص :
- اليابان دولة الشمس.
- التفتح على عادات وتقاليد الغير مرآة عاكسة تغير نظرتنا للغير.
أتذوّق نصّي :
س: إلى أي نوع أدبي ينتمي النص؟
ج: ينتمي النص إلى فن المقال الاجتماعي.
س: ما الأسلوب الغالب على النص؟ استشهد بأمثلة منه.
ج: غلب على النص الأسلوب الخبري كقول الكاتب: (لا تزال طوطيو أجمل مدينة رأيتها ليلا).
س: ما النمط الغالب على النص؟
ج: يغلب على النص النمط الإخباري والوصفي.
-------------- س: وظف الكاتب محسنات بديعية، استخرج ما أمكن منها.
- الترادف: (صغيرة = ضئيل الحجم/ يخطو إلى الوراء = يتراجع)
- طباق الإيجاب: (رجال ≠ أطفال / أشرقت ≠ تغرب/ أقزام ≠ طوال القامة / عفاريت ≠ ملائكة/ أول ≠ آخر/ الرجال ≠ النساء) طباق السلب: (صغيرة ≠ ليست صغيرة/ فهمت ≠ لم تفهم)
- جناس ناقص: (يتحفز – يقفز)
- مقابلة: (الحارات الصغيرة أجمل من الشّوارع الكبيرة)
-------------- - س: ما رأيك في لغة النص، هل هي مباشرة أم موحية؟
لغة النص سهلة وفي متناول التلميذ مثل: (الذوق، تعيسة، باهرة، ...إلخ).
- أما فيما يخص جانب الصور البيانية فنجد الكاتب قد وظف:
- التشبيه في قوله: (كأنه موج البحر). (كأن القمر نزل من السماء وتكسر قطعا قطعا فوق مدينة طوكيو)
- في عبارة: "وداعا يا بلادا تأكل السمك النيئ وتضع السكر في الصلصة وتسلق البصل والفجل والخيزران". مجاز لغوي وهو اسستعارة مكنية لعلاقة المشابهة حيث حذف المشبه به (إنسان/طباخ .. إلخ) ورمز له بأحد متعلقاته (الأكل، الوضع، السلق) ---------------
أكتشف نمط النص وأبين خصائصه
1- حدد بعض أوصاف الشعب الياباني؟
2- اذكر مؤشرين من النمط المستنتج.
3- ما النمط الذي اعتمده الكاتب أنيس منصور حتى يبين موقفه تجاه اليابان؟