قصيد شربنا على ذكر الحبيب , للعارف بالله عمر بن الفارض: قال رضي الله تعالى عنه :
شربنا على ذكر الحبيب مدامة .:. سكرنا بها من قبل ان يخلق الكرم
اقول ان المعنى المقصود من المدامة هو خمرة معرفة الشهود والعيان المعبر عنه عند اهل الله بالسكر وهو مزج و محق الذات بالذات والصفات بالصفات والافعال بالافعال , و يريدون بالحبيب ذات الحق لأنه تعالى أحب أن يعرف فتجلى بالخلق المفقود في صورة موجود , فهو الحبيب والمحبوب الذي حجب نفسه عن نفسه بنفسه ,, ثم قال رضي الله عنه
لها البدر كأس وهي شمس , يديرها .:. هلال , و كم يبدو إذا مزجت نجم
أقول , إن هذا البيت يشير الى قوله تعالى : الله نور السماوات و الأرض , فهو تعالى الفيض المقدس المفاض والفيض الأقدس المفيض والنور المحمدي المتشكل بكل شيء , قال الغزالي : لا يخفى عليك ان الله هو النور و لا نور سواه و انه كل الانوار والنور الكلي والنور الاعلى الذي تنكشف به الاشياء و له ومنه , والسماوات والارض و سائر العوالم مشحونة نورا من طبقتي النور اعني المنسوب الى البصر والمنسوب الى البصيرة . انتهى , و هذا حمل منه للنور على معناه الحقيقي بدون تاويل له و يرى ان كمال التنزيه لا يكون الا اذا كانت جميع الانوار له لا لغيره و لا يشاركه فيها احد و ما هي الا آيات انوار الهية و اسرار جبروتية كشفها الله تعالى لمن اورثهم سر الخصوصية فصرحوا كما فعل ابن الفارض في قصيده وقال بلسان صريح و بدون تلويح و تلميح
و لولا شذاها ماهتديت لحانها .:. و لولا سناها ما تصورها الوهم
انتهى و معنى شذاها : طيب رائحتها , و حانها : حانوت الخمار الذي تباع فيه , و سناها : نورها , و معنى ما تصورها الوهم : ما خطرت على البال . انتهى ,,, قال تعالى و لم يزل قائلا عليما : ( و لولا فضل الله عليكم و رحمته ما زكى منكم من أحد أبدا ) صدق الله العظيم