النص الإعلامي : هو النص المرتبط بوسائل الأعلام المختلفة . ويستفيد من كل الأجناس الأدبية و الأشكال الخطابية .السرد ، الوصف ، الحجاج لكنه يتميز بخصائص مثل :
الوضوح و المباشرة و الاختزال و الاقتضاب و العناوين المثيرة و المشوقة و الموضوع الجاد و الذي يفيد أوسع شريحة من
الناس.
علاقة الإسلوبية بالخطاب الإعلامي
مما لاشك فيه إن الصحافة قد أضفت لونا جديدا على الاسلوب اللغوي وكان لها دورا في تجديد اللغة العربية من حيث تفاعلاتها
مع تطورات المجتمع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحضارية ... الخ.
حيث يشير الدكتور سامي الشريف وأيمن منصور في كتابهما " اللغة الإعلامية " إلى عبد الله كنون عضو مجمع اللغة العربية في
كتابه (( الصحافة وتجديد اللغة )) حيث أشار فيه إلى أن " اكبر تطور عرفته لغتنا العربية في عصرنا الحاضر كان على يد
الصحفيين ، ومحرري الصحف ، وهذا التجديد في اللغة نجده في عمل الصحافة ، وهو تطوير لها باحتضان ما جد من المعاني
والأفكار ، من غير تبديل ولا تفسير في القواعد والأحكام ... وتلك هي براعة في الأداء والمقدرة في التعبير اللتان أوجدتهما
الصحافة ولغة الصحفيين .
وفي هذا الإطار ظهر اتجاهان في دراسة الاسلوبية ، الأول اقرب إلى البلاغة ، والثاني يدرس علاقة التعبير بالفرد أو الجماعة ،
وقد أسس " شارل بالي " عالم الاسلوبية اعتمادا على دراسات " سوسير " في اللغة ، وقد عرف علم الاسلوبية (( بأنه العلم
الذي يبحث في لغة جميع الناس بما تعكسه – لا من أفكار خاصة – بل من عواطف ومشاعر ، وان موضوع الاسلوبية هو لغة كل
الناس فجميع الظواهر بمستوياتها المختلفة يمكن ان تكشف عن الخواص الاسلوبية في اللغة .
وفي مناهج البحث الإعلامي وتحليل الخطاب يذكر لنا " بسام مشاقبة " ما ذهب إليه مؤسس علم الاسلوبية اذ يقول " إن مصطلح
الاسلوبية يعني بالبنط العريض هو لغة كل الناس من منطلق إن جميع الظواهر اللغوية بتصنيفاتها المختلفة يمكن أن توصلنا إلى
أهم المميزات الاسلوبية في اللغة ، لكن الباحثين الذين تتلمذوا على يد " بالي " حصروا الاسلوبية في حقل الدراسات الأدبية حيث
قاموا بإخضاع الجوانب الجمالية لمذهبية التحليل اللغوي اعتمادا على مناهج نفسيو وبنيوية."
ومن جهة أخرى ، فقد شدد " سوسير " على إن علم الاسلوبية يمثل المجال اللغوي كإبداع في الوقت الذي يعتبر علم اللغة بمثابة
المجال اللغوي لتطور التاريخ ، وكذلك ظهرت اتجاهات حديثة سلطت الضوء على شخصية المؤلف والتغذية الراجعة ما بين
المؤلف والقارئ .
طبيعة الاسلوب الصحفي
في ضوء تيار التحليل الاسلوبي ( الاسلوبية ) ومن خلال الدراسة الاستطلاعية لبعض البحوث التي أجريت حول أساليب التحرير
الصحفي ومحدداته سواء ما تعلق منها بصحيفة معينة جريدة أو مجلة ، أو ما يتعلق منها بكاتب معين أو محرر معين او بتطور
الاسلوب الصحفي في فترة معينة أو مرحلة تاريخية ، وبتحليل علمي لأساليب تحرير بعض الجرائد والمجلات.
تشير " د ليلى عبد المجيد ومحمود علم الدين " إلى إن هناك اسلوبا كتابيا أو لغويا واسلوبا يتبع في التحرير الصحفي أو بمعنى
آخر هناك ما يسمى بالاسلوب الصحفي ، له محدداته وسماته ومقتضياته.
ولما كان للاسلوب الصحفي محددات وسمات ووظائف تلخصت بالاتي :
الوظيفة الأولى : على الأسلوب الصحفي أن يتخذ شكلا سهلا يقترب من الأسلوب الدارج.
الوظيفة الثانية : هي الوظيفية التفسيرية للأحداث والأفكار والتجارب السياسية والاقتصادية ... الخ ، تلقى بتبعات على الأسلوب
الصحفي : أهمها الجنوح إلى التوضيح أو التبسيط والدقة بحيث يفهممها المتخصص والقارئ العادي.
وهناك مكونات للاسلوب الصحفي يشير إليها كل من " د ليلى عبد المجيد ومحمود علم الدين " وهي:
المكون الأول : يتصل بالصحة النحوية والصرفية وهي تحديد أبنية الكلمات من حيث ما طرا عليها من تغيير أو تبديل من طرف.
المكون الثاني يتصل بالصحة المنطقية وهي ضرورة وجود خواص ترتبط بالبناء الفكري للنص الصحفي بحيث تتحقق النتائج
والأحكام مع المقدمات.
المكون الثالث : يتصل بالصحة الأسلوبية العامة أو البلاغة ويعنى بها أن ينحت الأسلوب وفقا لمتطلبات الأساليب العربية الفصيحة
ويحقق شروط البلاغة.
المكون الرابع : يتصل بالصحة الأسلوبية الخاصة ، والصحفية : وهي تتصل بطبيعة الصحيفة كوسيلة اتصال جماهيرية تعتمد
على الكلمة المطبوعة ولها وظائفها ، وأهدافها ، وسياستها ، وجمهورها ، ومضمون ذو طبيعة خاصة مجملة.
ويغير هنا المحافظة على خصائص البساطة والإيجاز والتأكيد والأصالة والاختصار والصحة
الإطار العملي
المبحث الأول : مفهوم المقال الافتتاحي
مدخل : لما كانت دراستنا التحليلية تخص الأسلوب والأسلوبية في المقال الافتتاحي لجريدة الدستور كان لا بد لنا من تثبيت بعض
المفاهيم الخاصة به ، ليتسنى لنا من خلاله معرفة الأسلوب الذي تم إتباعه عند كاتب الافتتاحية ومدى تطابقها مع المعايير
الأسلوبية في كتابة المقال الافتتاحي.
من هنا ووفقا لأعلاه سوف نوجز بعض المفاهيم والاصول المتبعة في كتابة المقال الافتتاحي وهي كالآتي:
المقال الافتتاحي " المفهوم " : المقال ذو غرض واضح ، التعبير عن رأي الصحيفة أو رأي كاتبه إذا كان يحتل مكانة مرموقة في
عالم السياسة والاقتصاد والاجتماع ... الخ . وهذا التعبير عن الرأي يسير في اتجاه إقناعي أساسا ... أي يستنفذ جميع وسائل
المنطق والتأثير في سبيل استمالة القارئ ليأخذ بالرائ المعلن.
والى ذلك يقول " جاك ريفيه " وكذلك " هيليه كريهوم " : لامناص من أن تحتوي الافتتاحية على أربعة أجزاء رئيسية ( العنوان ،المقدمة ، التوسيع ، الخاتمة .)
العنوان :
"هو عنصر الجذب الأول لأنه عنصر الاتصال الأول بين النص والقارئ ... بين فكرة الكاتب والجمهور ... لذلك يفضل أن يكون
العنوان منبها فضول الناضر المسرع في تصفحه ... مثيرا في رغبته الاطلاع والاكتشاف والمعرفة. "
المقدمة :
هي عنصر الجذب الثاني ، أو العنصر المكمل لفعل التشويق والترغيب البادي في العنوان ، وهي المدخل العاطفي أو العقلاني أو
العلمي إلى الموضوع المعد للتحليل والتعليل والمناقشة.
التوسعة (جسم المقال)
"هو عرض الموضوع – قضية كان أم مشكلة أم حدثا أم موضوعا ... مفسرا ومحللا ومعللا ومعلقا عليه ، وصولا إلى استمالة
القارئ أو اقناعة بوجهة نظر معينة أو بموقف معين.
فالتفسير هنا يعني (( شرح الوقائع والأحداث والظواهر والمواقف عن طريق إبراز تفاصيلها بدقة وعناية.
أما التحليل (( فهو فرز عناصر الموضوع بحيث يمك النظر بوضوح إلى كل عنصر على حدة والحكم عليه.
أما الخاتمة (( فتكون في أشكال متنوعة قد تكون إعادة للعبارات التي بها الاستهلال أو ما يشابهها شكلا أو مضمونا ... وقد تكون
مجددا للرأي الذي أعلنه الكاتب وأقام البرهان عليه في التوسع .
المبحث الثاني : تحليل الخطاب
بما إن الخطاب " بنية داخلية مغلقة " حسب رأي البنيويون وقد أولوا اهتمامهم بالمستوى الأفقي للغة من حيث إن هذا المستوى يعطي وضوحا .
وهنا نشير إلى رأي الجاحظ (( إن الخطاب لو صدق من غير معدنه كان أكثر تأثيرا في السامع أو القارئ )) بمعنى انه لا توجد
مفاجآت تشحن وعي القارئ.
وقد لاحظ الباحث وأ ّش َر مؤشرات عدة في تحليله للمقال الافتتاحي لجريدة الدستور اليومية السياسية ملاحظات عدة ونتائج استقاها
من اعتماده على الشروط السبعة للنص وهما ( السبك ، والحبك ، والقصد ، والقبول ، والإعلام ، والمقام ، والتناص ) وعند
تطبيقاتها على محتوى النص تبين للباحث الآتي:
المبحث الثالث : الاستنتاجات
أولا : امتاز المقال الافتتاحي من حيث شرط السبك بتوفر القدرة اللغوية على انتاج خطاب يومي متفاعل مع الحدث في ذات اليوم.
ثانيا : انسجام العناوين مع المقدمات والمداخل من حيث العلاقة الترابطية بين العنوان وأجزاء المقال الأخرى واستخدام الكلمات
الواضحة.
ثالثا : ظهر للباحث إن اسلوب الكاتب امتاز بالحبك من بحيث يبدو للقارئ انه قطعة واحدة منسجمة ذات معاني ترتبط بأصل
الموضوع وباسلوب مفهوم.
رابعا : على الرغم من صعوبة الخوض في تحليل عنصر القصد والقصدية واعتبار ذلك عبثا كونه مرتبط بذات الكاتب ومكنوناتها
وانه حمال لأوجه عدة ، إلا إن الباحث شخص الكاتب من طريقة اسلوبه وطرحه واختيار كلماته وسياق جمله ، ويمكن أن نسميه
بالكاتب الناقد السياسي وله اتجاه معين وهدف معين.
خامسا : وجد الباحث إن شرط القبول موجود في اسلوب الكاتب كونه يستخدم صورا ذات جمالية اسلوبية.
سادسا : هناك (( التحام في النص وتماسك )) ولو انه افتقر إلى بعض الدلالات التي لها معنى وسار إلى تثبيت رأيه وتوجهه
وقراءته للمشهد السياسي ، لذا وجد الباحث إن تكرار الاحتمالية الدلالية يضعف الجذب وينحصر بجمهور معين وشريحة معينة
تنسجم مع توجهات الكاتب والجريدة.
سابعا : إن الإعلامية في النص كانت متحققة من حيث وحدة وتنوع ومفاجآت لها ارتباط بذهنية القارئ واستمالته وفقا
لنظرية((إمكانية أفق التلقي في أفق الانتظار )) من حيث إن كتاباته تلامس ثقافة الذوق العام.
ثامنا : على مستوى شرط المقام كان الكاتب مراعيا لمقتضى حال المتلقي.
تاسعا : تبين للباحث بان الكاتب ظهر في اسلوبه التكرار من حيث السياق الثقافي وحالة اللاوعي الثقافي والتراكمية في الاسلوب
مما يجعل عنصر التناص متوفر إلى حد ما.
عاشرا : إن الكاتب كان يميل إلى فرض رأيه التحليلي في الخاتمة من خلال فرض صحة تحليله واستعماله لأفعال الأمر والنهي
والبت في المعنى الذي يذهب إليه ، بمعنى انه لم يترك للقارئ التفكر وإيجاد النتيجة وفق الدلائل التي قدمها الباحث.