مَنِ النَّهرُ يجري بين كفّيه صاغرا يُغيِّر مجراه برغم الحوائل؟
أي رجل عظيم الذي يجري مياه النهر حيثما شاء, ويحول وجهته متغلبا على كلّ المصاعب
مَنِ الغصنُ يهتزّ انشراحا للمسهِ ومَن ذا كَسا الجرداءَ أبهى الغلائل؟
أي رجل عظيم ذلك الذي تسعد الأشجار للمسة يديه عليها , ويلبس الصحراء ثوب الخصب
هو الزارعُ الفلاّحُ لولا جهاده لما شِمتَ بالريحان حُسنَ المخايل
إنه ولاشك الفلاح الذي بفضل خيره وسماحته تظهر الطبيعة بأجمل مظهر
تغنّي له في كلّ فجرٍ حَمامة وتحنو عليه دَوحُهُ في الأصائل
تفرح بهذا الفلاح الطيور مع الفجر وتطلق ألحانها وتعطيه أرضه حنانها وعطفها عند المساء
يشعّ من المحراث ما في فؤادهِ من النّار يستحيي بها كلَّ ماحلّ
لشدة حبه لهذه الأرض وحنينه لها يعيد الحياة إلى الأرض الجرداء ويلبسها الثوب الأخضر
لئن خَشُنتْ منه اليدان فكفُّه سَما ح وإنّ الجودَ بسطُ الأنامل
لو أصبحت يداه خشنة وتعبت في هذه الأرض لكنهما ما زالت كريمة ولها السماحة والخير
وأحلى نشيدٍ في الليالي سماعُه نشيدَ غيوم الأفق تهمي بوابل
وأجمل موسيقى تعزف ليلاً قد يسمعها الفلاح، هي تلك الموسيقى التي تلحنها السحب على وقع نغمات هطول المطر الغزير
فما الزهرُ إلا الشكرُ حُقَّ لجاهدٍ وما الخِصبُ إلا من جزاء المناضل
هذه الزهور والورود الجميلة ليست سوى رسالة شكر وتقدير لهذا الفلاح المجاهد المعطاء