المنهج المعتمد في ظاهرة الشعر الحديث ؟
الأجابة هي :
المنهج التاريخي : من خلال تحقيب الشعر العربي زمنيا ( الشعر القديم، والشعر الإحيائي، والشعر الذاتي، والشعر الحديث) من خلال ربطه بالظروف التاريخية كربط الشعر العربي الحديث في القرن العشرين بما عرفه العالم العربي من نكسات ونكبات وحروب وهزائم. كما ينفتح الكاتب على المناهج الضمنية الأخرى مثل:
المنهج الفني : تقسيم الشعر العربي الحديث إلى مدارس شعرية فنية، والتي حصرها الدارس فيما يلي:
1- المدرسة الإحيائية المرتبطة بالنموذج التراثي؛
2- الحركة الرومانسية ذات التوجه الذاتي والتي تنقسم بدورها إلى هذه المدارس الوجدانية: مدرسة الديوان، ومدرسة أپولو، ومدرسة المهجر؛
3- حركة الشعر الحر أو الشعر الحديث أو الشعر المعاصر.
منهج التلقي : الحديث عن أسباب عزوف القراء عن الاهتمام بالشعر المعاصر أو ما يسمى بشعر الحداثة، ويرجع ذلك العزوف والابتعاد إلى هيمنة الغموض في هذا الشعر؛ مما سبب في انفصال كبير بين المرسل والمتلقي، أو بين المبدع والقارئ. ومن الأدلة على وجود هذا المنهج قول الكاتب:” غير أن النصفة تقتضي منا أن نسجل بأن ثمة عدة عوامل حالت بين هذا الشعر وبين أن يصل إلى الجماهير العربية، ليتحول إلى طاقة جبارة، شبيهة بالطاقة التي اعتدنا من الكلمة الصادقة أن تفجرها في كل العصور”.
المنهج الاجتماعي: من خلال ربط المبدع ببيئته الاجتماعية ووسطه الزمكاني، وربط الإبداع بالواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والثقافي كما يظهر ذلك في حديث الناقد عن تجربة الغربة والضياع التي ربطها بهزيمة العرب في حرب حزيران ناهيك عن النكبات والنكسات التي عاشها العرب منذ 1948م، ومن الشواهد النقدية الاجتماعية على ذلك قول الكاتب:” كانت هزيمة الجيوش العربية سنة 1948 مفاجأة من الأمة لنفسها، وفرصة لمواجهة ذاتها مواجهة صريحة بإعادة النظر في كل مايحيط بها، سواء أكان ثقافة أم سياسة أم علاقات اجتماعية. لم يبق بين الناس، ولا في أنفسهم شيء أو قيمة لم تتجه إليها أصابع التهمة. الحقيقة الوحيدة التي استقرت في كل قلب هي مبدأ الشك، الشك بعلاقة العربي بنفسه وبما حوله، وبماضي أمته وحاضرها، حتى أوشك الشك أن ينال من علاقة العربي بربه. وأمام هذا الإيمان بمبدإ الشك بدأت الأرض تهتز تحت أقدام الوجود العربي التقليدي، ولم تعد له تلك الهيمنة القديمة على أفكار الناس وحريتهم، وبات في وسع العربي الشاعر أن يفتح نفسه للأفكار والفلسفات ، والاتجاهات النقدية في الأدب والشعر، الواردة من وراء البحر،وأن يدعها تمتزج في نفسه وفكره بثقافته القومية، ليستعين بذلك كله على تحليل واقعه ، والوقوف على المتناقضات والملابسات التي تكتنفه، وإدراكها إدراكا موضوعيا تتبدى من خلاله صورة الواقع الحضاري المنشود الذي نريد”.
منهج الظواهر والقضايا : يتضح ذلك جليا في عنوان الكتاب ” ظاهرة الشعر الحديث”، وتقسيم الكتاب إلى مجموعة من الفصول الدراسية تتخذ طابع القضايا والظواهر الأدبية، والتي تتعلق بالشعر الحديث صياغة ودلالة ( شعر الغربة والضياع، وشعر الموت واليقظة، والشكل الجديد) ، وقد تمثل هذا المنهج في المغرب الأستاذ عباس الجراري في مجموعة من كتبه ، والدكتور محمد الكتاني في كتابه” الصراع بين القديم والجديد”. وهذا المنهج استلهمه المغاربة من كتابات أساتذة الأدب في الجامعة المصرية. ويعرف عباس الجراري منهج الظواهر والقضايا بأنه يستعين:” بفكر نقدي يستند إلى الواقع والمعاصرة، وبجدلية وموضوعية تعتمدان على معطيات استقرائية واستنتاجات منطقية، بعيدا عن أي توثن أو معتقدية متزمتة أو موقف تبريري، إذ في ظني أنه لايمكن فصل المنهج عن المضمون كما أنه لايمكن ممارسة نقد قبلي، أي نقد سابق على المعرفة.
ويقضي محتوى المنهج عندي كذلك أن أنظر إلى تلك القضايا والظواهر من زاوية تعطي الأسبقية للتمثل العقلي على النقد التأثري، أي بنظرة فكرية عقلانية وليس على مجرد التذوق الفني النابع من الإحساس الجمالي والتأثر العاطفي والانفعال الانطباعي بالأثر المدروس. وإن كنت لا أنكر أهمية المنهج الفني وجدواه بالنسبة لنوع معين من الموضوعات، وقد سبق لي أن جربته في بعض الأبحاث، وخاصة في دراسة لي منشورة عن” فنية التعبير في شعر ابن زيدون”