حكم البعد عن أعين الناس عند قضاء الحاجة"
الحاجة جمعها حاجات وحوائج، وهي ما يطلبه الإنسان ويفتقر إليه، وهو التَّغوط والتّبول، وأمّا قضاء الحاجة اصطلاحًا فهو يُعبّر عن خروجِ البَول والغائط، وقد أخبر رسول الله-صلى الله عليه وسلم- عن آداب قضاء الحاجة بشكلٍ مُفصَّلٍ حتى تكون هذه الآداب هي منهج حياة الإنسان المُسلم ومنها، دعاء دخول الخلاء والخروج منه، وعدم استقبال القبلة، والاستنزاه من البول، وعدم قضاء الحاجة في طريق النّاس، والتّستر عن أعين النّاس، وغيرها من الآداب، ودليل ذلك ما رواه جرير بن عبد الله-رضي الله عنه- قال: “كنتُ معَ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فأتى الخلاءَ فقضى الحاجةَ ثمَّ قالَ يا جريرُ هاتِ طَهورًا. فأتيتُه بالماءِ فاستَنجى بالماءِ وقالَ بيدِه فدلَك بِها الأرضَ“وقد وضّح رسول الله-صلى الله عليه وسلم- حكم البعد عن اعين الناس عند قضاء الحاجه حيث أنّه أخبر بوجوب التّستّر عند قضاء الحاجة، فإذا لم يجد المسلم شيئًا يستره فليبتعد عن النّاس، عن عبدالله بن جعفر-رضي الله عنه- أنّه قال: “وقد كان أَحَبَّ مَا اسْتَتَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَاجَتِهِ هَدَفٌ أَوْ حَائِشُ نَخْلٍ” أي كل مكانٍ مرتفعٍ من الأرض أو حائط نخل وهو البستان، وهذا كله من باب سِترٍ للعورة عن أعين النّاس، ودليل ذلك قوله تعالى: “قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ” ووجه الدّلالة في الآية أنّ ما يجب حفظ الفرج به يكون بالتّستر والابتعاد عن أعين الناس، وقد روى معاوية بن حَيدةَ -رضيَ الله عنه- قال: (قلتُ: يا رسولَ الله، عَوْراتُنا؛ ما نأتي منها وما نذَرُ؟ قال: احفظْ عَورتَك إلَّا مِن زَوجَتِك أو ما ملكَتْ يمينُك. قال: قلتُ: يا رسولَ اللهِ، إذا كان القومُ بعضُهم في بعضٍ؟ قال: إنِ استطعتَ ألَّا يَرَيَنَّها أحدٌ فلا يَرَينَّها. قال: قلتُ: يا رسولَ اللهِ، إذا كان أحدُنا خاليًا؟ قال: اللهُ أحقُّ أن يُستحيَا منه مِن النَّاسِ)، وهنالك أماكن لا يجوز قضاء الحاجة عندها قد أخبر عنها رسول الله-صلى الله عليه وسلم- وهي قضاء الحاجة في المسجد وعند القبور، وفي أماكن تجمع النّاس وأماكن انتفاعهم.
حكم البعد عن أعين الناس عند قضاء الحاجة؟
إن حكم البعد عن أعين الناس عند قضاء الحاجة واجب باتفاق أهل العلم والمذاهب فلا يجوز للمسلم أن يقضي حاجته أمام الناس ولا في مورد ماء أو ظل ينتفع منه الناس والأصل أن يكون في أماكن مخصصة كالمراحيض ونحوها، وقضاء الحاجة في الطريق والمورد والظل عند الشافعية والمالكية فيه تحريم، كما حدد الشرع عددًا من الأماكن التي يُحرم فيها قضاء الحاجة كـ القبور، الثقوب والجحور، المستحم وذلك نفيًا للضرر الذي قد يُصيب الناس ولعدم انتشار الأمراض والروائح الكريهة