أورد أبو داود حديث علي بن أبي طالب أمير المؤمنين رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (مفتاح الصلاة الطهور) يعني: الطهور أول أعمالها؛ لأنه لابد لمن أراد الصلاة أن يبدأ بالوضوء وهو شرط من شروط الصلاة، كما في الحديث: (لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ)، وهذا الطهور هو الماء أو ما يقوم مقامه الذي هو التيمم.
قوله: [(وتحريمها التكبير)] يعني: أن الإنسان قبل أن يقول: الله أكبر ويدخل في الصلاة فإنه يحل له الأكل والشرب والكلام والالتفات، فإذا قال: الله أكبر، حرمت عليه الأشياء التي كانت حلالاً له قبل تكبيرة الإحرام، وهذا مثله لو أن الإنسان أحرم بحج أو عمرة فإنه تحرم عليه الأشياء التي كانت حلالاً له قبل ذلك الإحرام.
قوله: [(تحريمها التكبير)] يدلنا على أن الصلاة لا يدخل فيها إلا بالتكبير، وأنه لا يجوز أن يؤتى بلفظ آخر غير التكبير، فلا يجوز أن يقول: الله أجل، أو الله أعظم، أو الله أكرم وما إلى ذلك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم حصر ذلك بلفظ: الله أكبر، كما في الحديث: (إذا كبّر -يعني: الإمام- فكبروا).
قوله: [(وتحليلها التسليم)].
يعني: الخروج والفراغ منها يكون بالتسليم، وأما قبل التسليم فإن الإنسان لا زال في الصلاة, وهذا يعارض ما تقدم في الحديث السابق الذي هو غير صحيح، وكذلك يعارض ما جاء عن الحنفية: أنه إذا لم يبق إلا التسليم وقد أتى المصلي بالتشهد والصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم، وحصل أنه أحدث فإن صلاته تكون قد تمت وهي صحيحة، وأن بوسعه أن يخرج منها بغير التسليم.
فهذا الحديث حجة عليهم، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: (وتحليلها التسليم).