سبب نزول سورة نوح
سبب نزول سورة نوح
لم يرد لسورة نوح في الكتب المعنيَّة بأسباب نزول السور ككتاب أسباب النزول للواحديِّ وكتاب لباب النقول في أسباب النزول للسيوطيِّ وغيرها ما يتحدَّث عن سببٍ واضحٍ لنزولها، ويمكن ربط سبب نزولها بقصَّة نوح -عليه السلام- حيث وردت بعض أحداثٍ من قصَّته فيها، فقد ورد في بدايتها كيفية إرسال نوحٍ إلى قومِه، ومطالبه لهم ودعوته لهم بالإقلاع عن ما ارتكبوا من ذنوب ومعاصي، كما دعاهم إلى التوحيد، وأغراهم بأنَّ الله سوف يمددهم بأموال وبنين وجنَّات واسعة إن آمنوا بما جاء به عليه السلام.
وقد قدَّم لهم الأدلة الواضحة لتصديق رسالته، كالتفكر في خلق الله للسماوات والأرض والإنسان، وختمت السورة ببيان إصرارهم على كفرهم وعبادة الأوثان، ودعاء نوح عليهم بالهلاك والدمار، بعد أن استمرت دعوته لهم للإيمان بالله تسع مئةٍ وخمسين سنة، وورد ذلك في قوله تعالى على لسان نوح: {قَالَ نُوحٌ رَّبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِى وَاتَّبَعُواْ مَن لَّمْ يَزِدْهُ مَالُهُۥ وَوَلَدُهُۥٓ إِلَّا خَسَارًا}،وقيل: إنَّها نزلت لإثبات آخر آيات سورة المعارج فقد قال تعالى: {فَلَآ أُقْسِمُ بِرَبِّ لْمَشَٰرِقِ وَلْمَغَٰرِبِ إِنَّا لَقَٰدِرُونَ* عَلَىٰٓ أَن نُّبَدِّلَ خَيْرًا مِّنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ}،فجاءت سورة نوح للدلالة على قدرة الله تعالى على إهلاك قومٍ واستبدالهم بآخرين.
أين نزلت سورة نوح؟
تعدُّ سورة نوح من السور المكيّة بإجماع الفقهاء؛ أي نزلت كاملةً في مكّة المكرّمة، وذلك بحسب ما ورد عن عبد الله بن عباّس رضي الله عنهما، وقد ورد في كتب التفسير وأسباب النزول أنّها السورة الثالثة والسبعون من سور القرآن الكريم وذلك بحسب ترتيب نزول السور، وقد نزلت سورة نوح بعد سورة النّحل، وقبل سورة الطور؛ وذلك بحسب ما أورد ابن عاشور في كتابه التحرير والتنوير، ومن جهةٍ أخرى، فقد جاء في كتاب التفسير الوسيط للطنطاوي أنّ سورة نوح نزلت بعد سورة النحل وقبل سورة إبراهيم، على خلاف ما ذكره ابن عاشور، والله أعلم.
ما سبب تسمية سورة نوح بهذا الاسم؟
قد سميت سورة نوح بذلك الاسم لذكرها قصّة نوحٍ مع قومه، وذلك منذ بداية دعوته لهم، إلى أن وصلوا لمرحلة طوفان قومه وغرقهم كما ذكر في بداية السورة الآية الكريمة: {إنَّآ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِۦٓ أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}، فقد فصَّلت في موضوع قصّة نوحٍ مع قومه، ومجادلته لهم، وإعراضهم عن دعوته لهم لتوحيد الله تعالى