من ثمرات التقوى -وثمراتها عظيمة- اليقين والطمأنينة، والإيمان الذي يجد الإنسان حلاوته في قلبه، ويجد برده عليه مهما تشتد الظلمات، ومهما تحدق الخطوب، ومهما تشتد عليه المصائب، فإنه في طمأنينة وفي سكينة وأمان.. أخوف ما يخاف أن تختل عنده التقوى، أخشى ما يخشاه أن تنقص تقواه لله.. أما مع التقوى فكل شيء يهون، والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: {إن لم يكن بك غضب عليّ فلا أبالي }
فليتك تحلو والحيـاة مريرة وليتك ترضى والأنـام غضاب
كانوا يرجون ما عند الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- ويخشون الله ولا يخشون أحداً سواه, فاطمأنت قلوبهم أن الله حافظهم, وأن الله حاميهم، وأن الله ناصرهم، وتوكلوا على الله، وحده لا شريك له، فاطمأنت قلوبهم بذلك، فأنزل الله عز وجل الرعب والفزع والهلع والذعر في قلوب أعدائهم.
ما إن وصل كتاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى هرقل -وهو أعظم ملك في العالم-، وسأل أبا سفيان الأسئلة المعروفة حتى قال: " والله ليطأن ما تحت قدمي هاتين " ليصيرن ملكه إلى ما تحت قدمي هاتين، يعني ملك رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهكذا قد حصل وفتحت تلك البلاد وكانت غنيمة للمسلمين والحمد لله.
وكما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {نصرت بالرعب مسيرة شهر}.
وهذا ليس له صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خاصة؛ بل هو والحمد لله لأمته عامة، كما يدل على ذلك الواقع والتجربة المشاهدة؛ فإن الصحابة ومن بعدهم من المؤمنين ومن الفاتحين كانوا ينصرون بالرعب، فما أن تنهض وتقوم وتتجرد السيوف للجهاد في سبيل الله ولإعلاء كلمة الله, حتى يلقي الله عز وجل الرعب في قلوب أعدائهم ولو كانوا في أقاصي الأرض، وهذا من فضل الله، على الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعلى الأمة ثانياً.
كما أوصى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ معاذاً رضي الله عنه حين قال له: { إني أحبك في الله اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن}، هكذا كما قال الله تبارك وتعالى ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ))[آل عمران:102].
قال عبد الله بن مسعود رضي تعالى عنه: [[تقواه حق تقاته أن يطاع فلا يعصى وأن يذكر فلا ينسى، وأن يُشَكَر فلا يُكفَر]]، فأوصي نفسي وأوصي إخواني بأن نتقي الله تبارك وتعالى حيثما كنا، وأن نكون له عز وجل من المطيعين ومن الذاكرين الشاكرين؛ فإذا كنا كذلك، فوالله لنجدن ثمرات التقوى يرسلها الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى علينا كما يرسل المطر المدرار إلى الأرض المجدبة، فتنمو وتنبت من كل زوجٍ بهيج بإذن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
هذه وصية جامعة أوصى بها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, أوصي بها نفسي وإخواني في هذا المقام ونحن في هذه الأيام تعيش أمتنا ونعيش جميعاً هذه الكوارث, وهذه النوازل والمصائب التي والله لن يقاومها ولن يدفع الله تعالى عنا غوائلها ولن يكفينا شرها إلا بزاد عظيم من التقوى.. فتزودي يا أمة الإسلام, فإن خير الزاد التقوى.. نتزود من تقوى الله ونأخذ بالأسباب المعينة على دفع أعداء الله، كل سببٍ مادي أو معنوي نأخذ به، ورأس ذلك كله, أن نتقي الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وأن نتوكل عليه ونعد له ما استطعنا، وبذلك نستطيع إن شاء الله أن ننال رضا الله تعالى.