موضوع عن المواطنة والانتماء للجمهورية العربيةالسورية
أول الوعي… الوحدة الوطنيةيجعلنا الاحساس بفقدان الوطن نشكي حتى “لطوب الارض”. نقول في أنفسنا اننا لا نسوى قشة من دونه وان الروح معلقة في نعاله والقمم. نتساءل بحرقة اليتيم ماذا يمكنان نفعل لانقاذه واين الخطأ. نلوذ بضعفنا وحيرتنا بينما الحل بين ايدينا وفي صلب وعينالو نحن عارفون. والوعي هو من اهم الادوات الشعبية على الاطلاق التي يمكن ان تضع حدا فوريا امام تدهور وتدحرج الوطن باتجاه الهاوية. واول الوعي هو الوحدة الوطنية.تتألف عبارة )الوحدة الوطنية( من حدي الوحدة وتعني تجميع و ضم الاشياء او المفاهيم او الافراد ضمن بوتقة واحدة. اما كلمة الوطنية فتعني كل ما له علاقة بالوطن – الارض. انها ايضا تعني طول الانتماء لوطن ما او ارض بعينها وحمل جنسيتها والتحدث بلغتها والمساهمة في بناءها والعيش تحت منظومة واحدة مشتركة من القوانين والقيم الاجتماعية والروحية الموافق عليها او المراد تحسينها لما فيه خير وصالح المجتمع مع الاحتفاظ بخصوصية كل اثنية واحترام عاداتها.ما يشد من أزر الوحدة الوطنية هو التهديد المشترك لوجود المجتمع ومؤسساته التي يستفاد منها الجميع. قد لا يكون ضروريا أن نعثر بيننا كاثنيات على نقاط كثيرة مشتركة – وهذا مصدر غنى للشخصية العربية السورية وليس فقر – مع ادراكنا بالعمق انه ليس هذا هو السبب الذي يجمع الناس وانما التحام هذه الاختلافات اوهذا الغنى الفسيفسائي بالذات امام التهديد المشترك.وموضوع الوحدة الوطنية هو الانسان تحديدا الذي يحيى ويعيش فوق ارض الوطن والذي يرتبط مع هذه الارض بعلاقة تاريخية وروحية ومادية – اقتصادية. والاهم انه اختار هذا الوطن بارادته وبكامل قواه العقلية.ولقد قدم الكثير من الفلاسفة والمفكرين الغربيين والعرب عبر التاريخ الحديث والقديم من أمثال روسو وهيجل و مكيافيلي وابو حامد الغزالي ورينان وفيخته وغيرهم كثيرين تصوراتهم عن معنى الوحدة الوطنية ومقوماتها انطلاقا من الظروف التاريخية التي وجدوا انفسهم وبلدانهم فيها، اعتقد انني استطيع اختزال اغلبها ببضعةنقاط مشتركة:1- الولاء للحاكم باعتباره راس السلطة الذي تجمع الكل تحتها. والولاء لا يكون الا بقدر ما يمثل هذا الحاكم من قيم المجتمع والقدرة على الدفاع عنها والحفاظ على السلم الاهلي.2- الولاء للدولة كمنظومة مؤسساتيه عن طريق غزر حب الوطن في المواطنين من خلال المناهح التعليمية والتوجية السياسي.3- وجود اتفاق جماعي واجتماعي بين النظام)القيادة السياسية القائمة( والشعب ضمن بوتقة وطنية قومية حيث الفرد يطيع الحكومةالتي ارتضاها وانتخبها ووافق على سياستها.4- طاعة القانون الذي هو فوق جميع الافراد- المواطنين. انه القانون الذي ينطوي على العدلويحكم بالعدل.5- اللغة المشتركة التي هي لسان جميع المواطنين وهي الأداة الوطنية المميزة التي تجمع الكل. واللغة هي الوعاء الثقافي الاجتماعي للمواطنين بجزء كبير منها وهي الوسيلة التخاطبية الاولى بين الافراد – المواطنين للتعبير عن هواجسهم وموضوع حريتهم وافكارهم.6- التاريخ المشترك الذي يضم هذه المجموعة من المواطنين الذين يملكون جعبة من الذكرياتالماضية الروحية والمادية المشتركة. وكذلك هي الاحلام المشتركة للمستقبل.7- هناك ايضا الانتماء للتراب الوطني السوري بحدوده الجغرافية والحفاظ على هذه الوحدة من اي عوامل تقسيم.أما عند ماركس فالوحدة الوطنية تكمن في القضاء على الصراع والانقسام بين الافراد في المجتمع الواحد الذي يعود اصلا الى التفاوت الطبقي والاقتصادي والذي يُحل من خلال القضاء على الملكية الخاصة في المجتمع وتسليم مقاليد الحكم كلية لطبقة البروليتاريا. انه يرى ان الصراع سيكون حتميا في ظل التفاوت الطبقي الاقتصادي اي بين الطبقة التي تملك قوة العمل وتلك التي تسيطر على هذه القوة ؛ او بين العمال والطبقة الحاكمة. لهذا كان من الضروري ان يكون هناك مصالح اقتصادية مشتركة لكي تتعزز الوحدة الوطنية في المجتمع.وما حصل في سوريا هو تماما: ابتعاد قسم من الشعب او بعض الافراد عن مفهوم الوحدة الوطنية والمطالبة بوطن يشمل فقط اثنية او طائفة واحدة لكي تحتل الوطن وهذا امر شكل ضربة قاضية للوطن بكليته علاوة علىاستحالة هذا الامر عمليا. ان هذا القسم الذي اراد الاستئثار بسوريا لايمكن ان يعي معنى الوحدة الوطنية الذي اسلفته سابقا لانه ضرب عرض الحائط بكل مقوماتها واراد فرض ارادته بقوة السلاح وتدمير الاسس التحتية المادية والروحية التي تقف عليها بنية الدولة والوطن. ولست هنا بوارد تبيان الاسباب او تقديم اي تحليل للأمر بقدر ما اريد توصيفما يحدث بكل بساطة.الوحدة الوطنية في الدستور السوري الجديد 2012إن الاحساس بالانتماء للحاضر في كل لحظة والدفاع عن المستقبل هو ما يحفز الاحساس بالوحدة الوطنية ويرسخة ويميزه.الوحدة الوطنية هي في صلب الفكر المدني بينما يحفزنا العقل الديني – الذي هو قاتل الوحدة الوطنية – للعودة في كل مرة باتجاه الماضي وبعنف.وها أنا أتساءل، مع ذلك، لما للماضي هذه القوة الماسية المتوهجة !؟ ألانه سحيق بعيد لا ينفع معه النقد او الشك والبحث وان ما مضى قد مضى؟ لماذا لكلمات القدماء هذا الوقع الجليل في نفوسنا ولما كانت نصوصهم فوق النقاش واستثناءاتهم قواعد لأيامنا؟ هل هي هالة الموت ! الغياب ! هل هو سحر القدم ! هل هو هذا الإشعاع المبارك الذي ظننا انه يلف كل رجل أطلق لحية في عصرهاو شاعر تطلع من مضاربه الى القمر فنحت كلمتين على بردية أو حجر !لماذا يتحول الماضي إلى )قَدر( جاثم متراكم ككرة ثلج متدحرجة، متضخمة، مندفعة باتجاه)الآن(، عابسة، ومكفهرة ! ما الحل أمام مده وهيمنته ! ما الحل ونحن نقر، بان لا وجود للثابت حتى في جوهر المادة ذاته بينما نتعامل مع الماضي و كأنه الثابت الاستثنائي.يفهم العقل العربي الاختلاف والمعارضة كوجهين لعمله واحدة. يفهمهما كنوع من التحدي أو التخطيء لما كان ولما اسلف ولما هوقائم لدى الآخرين و ذلك لانه عقل فطر على)الابقاء( على الاشياء والمفاهيم واعتاد المرور إلى )جوارها( بدلا من اختراقها ومواجهتها كمغامر يريد ان يصل إلى ابعد نقطة من كينونته الإنسانية ! وهو يفعل نفس الشيء بالنسبة للآخر فيرفض ان يقبله شريكا الا اذا كان من صلب معتقداته التي يحاول جاهدا لكي تكون الغلبة لها.في أدبيات الدستور السوري الجديد نعثر على بعض البنود التي تتعلق بالوحدة الوطنية والتي تحيل المواطن الى الحاضر كلية وتدفعه باتجاه المستقبل. صحيح ان هناك بعض البنود التي يجب تغييرها فتأتي داعمة لعمليةتأسيس النسيج الوطني وتجذره في الوجدان العربي السوري بشكل أكبر أكمل الا ان ارهاصات هذا النسيج بينة وواضحة و لا لبس فيها:تقول المادة الثالثة من الدستور السوري 2012: تحترم الدولة جميع الأديان، وتكفل حرية القيام بجميع شعائرها على أن لا يخل ذلك بالنظام العام.المادة التاسعة من الدستور السوري 2012: