0 تصويتات
بواسطة (512ألف نقاط)
كتابة موضوع تبوأ الادب الوطني والقومي

الفصل الثاني

الأغراض الشعرية في العصر الحديث

آ- الاتجاه القومي:

لم يظهر الاتجاه القومي أو الوطني في الشعر كغرضٍ مستقل إلاّ بمطلع القرن العشرين بعد نشوء الرابطة القومية ومحاملة الدول تبني النظرة القومية ذلك أن هذه الرابطة كانت متداخلة مع الرابطة الدينية من خلال ارتباط مصلحة العرب بمصلحة العثمانيين، وقد عبر عن ذلك شوقي قائلاًُ:

الله أكبر كم في الفتح من عجب يا خالد الترك جدّد خالد العرب

وفي قول مصطفى كامل في إحدى خطبه بباريس:

(حقاً سياسة التقرب من الدولة العلية لأحكم السياسات وأرشدها)

ومع ذلك فقد ارتفعت أصواتٌ لشعراء في العصر العثماني تهاجم هذه الدولة كما صنع اليازجي والزهراوي والرصافي :

حتّام نبقى لعبةً لحكومةً دامت تجرّعنا نقيع الحنظل

تنحو بنا طرق البوار تحيّفاً وتسومنا سوء العذاب الأهول

وما إن أطل القرن العشرون حتى ارتفعت أصوات الشعراء بشكل كبير، وانفجرت الثورة العربية ورفعت راية الحرية ولكن المستعمر الغربي وأد هذا النصر واقتسم البلاد باتفاقية (سايكس بيكو) تحت تسمية الانتداب والوصايا ويقول الشاعر اسكندر الخوري مندداً بالانكليز والفرنسيين:

أتوا باسم الصليب وهم براءٌ من اسمٍ لطّخوه مجرمينا

هي الأطماع يا قومي دعتهم إلى عمل أباه المرسلونا

وقد عزّ على الشعراء أن يكون الوطن العربي فريسة بين مخالب أولئك الذئاب، فحثوا الشعوب على طرد الناجين ، يقول خير الدين الزركلي:

فيم الونى وديار الشام تقتسم أين العهود التي لم ترع والذّمم

ما بال بغداد لم تنبس بها شفة وما لبيروت لم يخفق بها علم

كما وأن الأدباء صوّروا جرائم المستعمرين، يقول حافظ إبراهيم مشيراً إلى جريمة (دانشواي):

قتيل الشمس أورثنا حياة وأيقظ هاجع القوم الرُّقود

كما وأنّ شوقي صوّر ما صنع الفرنسيون في دمشق عام 1945

دم الثوّار تعرفه فرنسا وتعلم أنه نورٌ وحقُ

بلادٌ مات فتيتها لتحيا وزالوا دون قومهم ليبقوا

ثم صور الأدباء تضحيات الشعوب وفرح جلاء الأجنبي عن البلاد العربية وما حدث بعد ذلك من معارك حاسمة متمثلة في معركة (بور سعيد) والثورة الجزائرية وحرب تشرين التحريرية التي أعادت للعربي كرامته المهدورة ، يقول سليمان العيسى:

تشرين .............. أمطارك الخضر التي كتبت

أعمارنا ............. لم يكن بالأمس لي عمر

دم الشهيد أعاد اللون لون دمي

وارتدَّ ملء جفوني الضوء والبصرُ

ثم تابع الأدباء الدعوة إلى الوحدة العربية وأكدوا على مقوماتها ووقفوا يحاربون الدعوات الاقليمية المنحرفة كما صنع علي الجازم:

تذوب حشاشات العواصم حسرة إذا دميت من كفّ بغداد إصبع

ولو صدّ عن في سفح لبنان صخرة لدكّ الأهرام هذا التصدُّع

ولو بردى أنّت لخطب مياهه لسالت بوادي النيل للنيل أدمع

وقد برز في الاتجاه القومي أدب تمثل مهمة هي قضية فلسطين واتخذ منحىً خاصاً وسمي : أدب الأرض المحتلّة .

الأدب القومي أدب الأرض المحتلة.

وهو الأدب الذي صور فيه الأدباء العرب احتلال اليهود لفلسطين صوراً فيه الواقع العربي قبل النكبة وبعد النكبة.

أدب ما قبل النكبة :

وهو الأدب الذي تحدث عن اغتصاب فلسطين وإعطاء وعد بلفور، ودعا الأدباء فيه الشعوب العربية لمساعدة الفلسطيني لما يقدمه من تضحيات كبيرة يقول أبو سلمى في رثاء شيخ من شيوخ المقاومة الفلسطينية:

ونحن الذين نثور على الظلم والجهل في كلِّ حين.

ونحن الذين أنرنا الطريق وكنا مشاعل حقٍّ ودين.

ونحن الذين حملنا الرسالة للأولين ولللآخرين.

أدب ما بعد النكبة :

وقد ظهر فيه تيار يدعو إلى اليأس وعدم توقع رجوع اللاجئين :

يا صاح لا تحلم بأنك عائدٌ للربع فالأحلام قد لا تصدق

وتيار يدعو إلى التفاؤل وبالتمسك بالأرض والإيمان بقدرة الإنسان على التحرر كقول محمود درويش :

وطني!

يعلّمني حديد سلاسلي

عنف النسور

ورقّة المتفائل

ما كنت أعرف أنّ تحت جلودنا

ميلاد عاصفةٍ

وعرسُ جداول........

وقد رسم لنا توفيق زياد صورة التشبث بالأرض قائلاً :

هنا على صدوركم باقون كالجدار

وفي حلوقكم

كقطعة الزجاج كالصبار

وفي عيونكم ....زوبعة من نار

إنا هنا باقون.

وقد ندد الأدباء بمذابح اليهود التي قاموا بها في داخل فلسطين ضد الفلسطينيين ، كمذبحة كفر قاسم التي يقول محمود درويش في وصفها :

آه ! يا خمسين لحناً دمويّاً

كيف صارت بركة الدم نجوماً وشجر ؟

الذي مات هو القاتل يا قيثارتي

ومغنّيك انتصر

وقد أكد الأدباء على بطاقة العروبية كهوية قومية حيث حاول اليهود واقتلاع السكان من الأرض .

يقول محمود درويش:

سجِّل أنا عربي

أنا اسمٌ بلا لقب

صبورٌ في بلادٍ كلّ ما فيها

يعيش بفورة الغضب

ب- الاتجاه الاجتماعي:

لمس العرب مظاهر التخلف الحضاري والاجتماعي الذي مُورس عليهم في نهاية الحكم العثماني بالمقارنة مع ما رأوه من تحضر اجتماعي وتفتح إنساني ، وأدركوا أن العلم والمعرفة هما السبيل الأمثل لإزالة هذا التخلف فهذا هو الصافي في تنبيه الشباب العربي إلى ضرورة بالعلم والمعرفة:

ألم تروا الأقوام بالسعي خلّدت مآثر يستقصي الزمان خلودها

وساروا كراماً رافلين إلى العلا بأثواب عزّ ليس يبلى جديدها

ودعا بعضهم إلى الاقتداء بالغرب للوصول إلى ما بلغوه يقول الشاعر عبد الرحمن البنّاء :

فاقتدوا بالغرب كيما تدركوا ما مضى واجنوا من العلم ثمارا

وحارب الأدباء أمراضاً اجتماعية تسربت إلينا من المجتمعات الغربية كالمسكرات والمخدرات ودور اللهو والقمار

يقول الشاعر رضا الشببي:

تظنون هذا العصر عصر هداية وأجدر لو تدعو عصر ضلالات

كما وأن الأدباء عالجوا مشاكل اجتماعية تفاقمت بعد الحرب العالمية والاستغلال فعالجوا التشرد والتسول والجوع يقول علي الجارم مستنجدا بالأغنياء لمساعدة الفقراء:

أيها الأغنياء أين نداكم بلغ السيل عاليات القلال

هم عيال الرحمن،ماذا رأيتم أو صنعتم لهؤلاء العيال

وهذا هو حافظ إبراهيم يدعو المصلحين للمساهمة في القضاء على الفقر :

أيها المصلحون حناق بنا العيش و لم تحسنوا عليه القياما

و أغيثوا من الغلاء نفوساً قد تمنت مع الغلاء الحماما

وطفت على السطح مشكلة المرأة من حيث التعلم والوظيفة ودعا الأدباء للاهتمام بها. يقول حافظ إبراهيم :

من لي بتربية النساء فإنها في الشرق علًه ذلك الإخفاق

الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق

وأخذت جماهير الأمة ترفض الحنوع ، فصور الأدباء خروج هذه الجماهير للثورة ضد الملوك يقول عبد الوهاب البياتي:

صيحات الفقراء ...... فقراء بلادي

في باب القصر ...... في الفجر الأحمر

كالصخرة.....كالقطرة.....في بحر الثورة.......

وقوله : يا بذرة في ظلمة الجليد والرماد

تدوسها الأرجل في بلادنا.

جـ- الاتجاه الوصفي :

اهتم الأدباء بالوصف منذ القديم وتابع الشعراء في العصر الحديث هذا الباب، فوصفوا الطبيعة والريف والبحار والأنهار ووصفوا تأملاتهم في الكون والحياة والإنسان والموت والشقاء والسعادة. يقول الرحمن شكري أحد أعضاء مدرسة الديوان واصفاً الأمل في الحياة:

والشقيُّ المحروم من لا يرى في العيش فرضاً ينأى به عن شقاء

ذاك من مات قلبه وهو حيٌّ وغدت نفسه كقفرٍ خلاء

وقد عبر إيليا أبو ماض زعيم المهاجرين في قصيدته الطلاسم

عن تأملاته في الكون وأسرار الموت والحياة:

أتراني كنت يوماً نغماً في وتر؟

أم تراني كنت قبلاً موجةً في نهر؟

أم تراني كنت في إحدى النجوم الزّهر؟

أم أريجاً ، أم حفيفاً ، أم نسيماً؟

لست أدري

كما وصف الشعراء المخترعات الحديثة ، ووصفوا المدن بعد هجرتهم من القرى . يقول أحمد عبد المعطي حجازي:

الناس حولي ساهمون.....

لا يعرفون بعضهم .....هذا الكئيب

لعله مثله غريب

أليس يعرف الكلام؟

ويقول صلاح عبد الصبور واصفاً زحمة المدينة:

في زحمة المدينة المنهمرة

أموت لا يعرفني أحد

أموت لا يبكي أحد

د- الاتجاه الغزلي :

استمر تطرق الشعراء للغزل والحديث عن المرأة والحب، وكتب معظم الشعراء في هذا الاتجاه، وكان أكثرهم إجادةً الشاعر نزار قباني ، فقد تحدث عن الغزل بمعظم أشكاله وأبرز تأثير المرأة بجوانبها المعنوية والمادية ومن ذلك قصيدة نهر الأحزان:

1- عيناك كنهري أحزان

2- نهري موسيفا، حملاني 3- لوراء وراء الأزمان

4- نهري موسيفا قد ضاعا 5- سيّدتي ...ثمَّ أضاعاني

6- الدمع الأسود فوقهما 7- يتساقط أنغام بيان

8- وأنا في المقعد محترقٌ 9- نيراني تأكل نيراني

وقد تداخلت المرأة والأرض والوطن عند شعراء الأرض المحتلة فأبرزوا تمردهم ، وتعانقوا مع الأرض وعجنوا ترابها بالدماء ..... ومن ذلك مناجاة الحب لمحمود درويش واختلاط هذا الحب بالمرأة والأرض :

عيونك ، شوكة في القلب

توجعني.....وأعبدها!

وأغمدها وراء الليل والأوجاع ..... أغمدها!

فيشعل جرحها ضوء المصابيح

ويجعل حاضري غدها

أعزّ علي من روحي

وأنى ، بعد حين ..... في لقاء العين بالعين

بأنا مرّة كنا، وراء الباب.....اثنين!!.....

من فضلك سجل دخولك أو قم بتسجيل حساب للإجابة على هذا السؤال

مرحبًا بك إلى حلول، حيث يمكنك طرح الأسئلة وانتظار الإجابة عليها من المستخدمين الآخرين.
...